
في صباح الأول من نيسان 2019، لم أكن أتوقع أن عبارة بسيطة نشرتها على حسابي الشخصي في فيسبوك ستغيّر حياتي إلى الأبد. كتبت:
“لماذا لا نعيش بسلام؟ لبنان، فلسطين، وإسرائيل… دون حروب أو كراهية؟”
دعوة بريئة للسلام بين الشعوب، بين أناس تعبوا من الصراعات، ومن لغة الدم والدمار، ومن الموت المجاني الذي لا يسأل عن هوية ولا ديانة ولا طائفة. لكنها لم تُفهم على هذا النحو.
فجرًا، داهمت منزلي قوة أمنية، صادرت هاتفي وجهازي المحمول، أُغلق حسابي على فيسبوك، واقتادوني إلى مركز التحقيق. هناك، بدأت رحلة التعذيب، الاتهام، والإهانة.
وجهت إليّ تهم “التعامل مع العدو”، و”إثارة النعرات”، و”ابتزاز الدولة”، فقط لأنني عبّرت عن حلم شخصي… أن نعيش بسلام.
أمضيت أيامًا في المخابرات، ثم في زنازين بيروت، فالسجون… ذقت فيها الذلّ والتعذيب الجسدي والنفسي. عُلّقت وضُربت حتى فقدت الوعي ثلاث مرات في يومٍ واحد. سُجنت انفراديًا، وحُرمت من الطعام والضوء. كل هذا، فقط لأنني تجرأت على أن أحلم بالسلام.
أنا لا أنكر الواقع السياسي، ولا أتهرب من الحقائق التاريخية، لكن هل أصبح مجرد سؤال عن “العيش بسلام” خيانة؟ وهل باتت الدعوة إلى التعايش جريمة؟
لبنان، للأسف، بلد لا يحتمل الرأي المختلف. بلد تُمنع فيه حرية التعبير باسم “الكرامة الوطنية”، وتُخنق فيه الكلمة الحرة بتهم جاهزة.
اليوم، وأنا في المنفى، أحمل جروحي، وصوتي، وأملي. أنقل قصتي للعالم، لا لأحرض، بل لأكشف كيف يمكن لحرفٍ أن يُكلفك عمرك، إذا كُنت في المكان الخطأ… تحت الحكم الخطأ